اعلان

14‏/07‏/2016

رقصة أحواش...من الرقصات العريقة

أحواش

التسمية
كلمة أمازيغية الأصل مشتقة من الفعل "حُش" بمعنى "أٌرقص" و "أر ئتحوش" بمعنى "يرقص" ومصطلح أحواش لا يدل على نمط معين من الفن، بل يدل على كل ما له علاقة بالرقص، وله عدة تسميات أخرى مثل : أمارك- أكوّال- أهنقار- أهياض- أكناوي.. وكل هذا بمثابة تشكيلية فنية مكونة من بناء إيقاعي ورقص جماعي ونظم شعري في مكان خاص يدعى "أبراز" أو "أسايس" ،وغالبا ما يؤدى هذا الفن بالليل لعدة اعتبارات، وأي غياب لهذه العناصر تجعل من أحواش كالطعام بلا ملح.
ويعرف هذا الفن انتشارا واسعا في الجنوب المغربي من مناطق سوس والحوز وبعض مناطق درعة ويمكن تحديد هذا جغرافيا من مدينة "أسّا "جنوبا إلى مدينة دمنات شمالا. هذا بالنسبة للجنوب الشرقي بالمغرب. ومن المحيط الأطلسي غربا إلى مناطق درعة شرقا. ويعرف هذا الفن تنوعا حسب المناطق ،حيث نجد له عدة تسميات مختلفة مثل : أحواش ئسافن ،أحواش تاليوين ،أحواش طاطا، أهياض ئحاحان ،أهياض ايت باعمران.وتعد المناطق الداخلية أهم مناطق انتشار أحواش،مثل ئسافن ،ئندوزال، ئداوكنسوس، طاطا ، ورززات، ئمينتانوت... وكلما اقتربنا من الساحل نجد أهياض وأهنقار حيث تعرف مناطق ئحاحان ،ئداوتانان ،أشتوكن،ايت باعمران ،مناطق انتشاره.والجدير بالذكر أن هذا النمط يقتصر على العنصر الإيقاعي والنفخ في الناي(العوّاد) ثم الرقص.


التاريخ
إن الحديث عن تاريخ بداية أحواش يعد مسألة في غاية الصعوبة ،إذ أن هذا النمط يغلب عليه الطابع الشفهي ،ولا يزال لم يخضع بعد للكتابة والبحث، والمعروف هو أن أحد المماليك الأمازيغ اشترى آلة الطبل "كانكا" (التي تعد أهم آلة في أحواش )من الرومان... و انتقلت إلى المغرب بفعل الهجرات البشرية الآتية من إفريقيا السوداء وخصوصا في العصر السعدي، ونجد أن هذه الآلة تنتشر بالخصوص في المناطق التي كانت ممرات ومحطات للقوافل التجارية كواحة طاطا و ورزازات وزاكورة ،وهذه المناطق التي تعرف الانتشار الواسع لأحواش والارتباط الوثيق بسكان هذه المناطق بهذا الفن، وهذا أيضا يؤكد أن فن أحواش خضع لتأثيرات وتأثيرات على مر الزمن وهناك بعض الباحثين الموسيقيين الذين ذهبوا إلى أن الدقة المعروفة ب"الدقة المراكشية" المعروفة حاليا ،ما هي إلا فرع من أحواش ،ويثبتون ذلك بقولهم أن الرقصة موجودة بمنطقة دمنات تمارس فيه الدقة الدمناتية ،قريبا من فن أحواش ومستعملة كلمات وأشعار أمازيغية محضة، وتعد سنة 1979 سنة عرف من خلالها فن أحواش ازدهارا كبيرا بإقليم طاطا حيث عرفت بروز مجموعة من الفنانين المعروفين حاليا على الساحة الفنية، مثل" ئحيا د ؤجماع" اللذين عرفا بعطائهما الكبير لهذا الفن من خلال نمط "أنعيبار" الذي تمارس فيه الدرست، وفي الوقت الراهن يعد كل من عبد ؤطاطا والمحجوب العباسي و أزوليض المعروفين على الساحة.

السياق والمناسبات
عموما يرتبط فن أحواش بكل تجلياته بالمناسبات والاحتفالات ،كل نمط والمناسبة التي يرد فيها، فبالنسبة للدرست وأحواس نتفرخين، نجدها لا تخلوا أي مناسبة زواج منهما ،حيث يقام أحواش 6 أيام، 3 أيام أولى بالنسبة لأهل المنطقة و 3 أيام موالية بالنسبة للقبائل المجاورة. إذ يتم استدعاؤها لممارسة هذا النمط ليتم التباري بين قبيليتن في فن أنعيبار، ما يعطيه روعة وجمالية.
كما أصبح من اللازم على كل من ازداد عنده مولود أن يستدعي البنات للرقص بنمطهم الخاص وهو ما يدعى "احواش نتفرخين" وكل من لم يستدعيهن يلقبون ابنه باسمه إضافة "بلا ؤغروم" ،مثلا "حمو بلا ؤغروم".
أما في حفل الختام غالبا ما يمارس فيه نمط الناقوس أو "أكوّال ئيبيد" أما بالنسبة لحفل الخطوبة فترقص فيه النساء المتزوجات لوحدهن ،ويدعى هذا النمط "أكوّال نتمغارين".

الأدوار والوظائف
مع توالي السنين والأجيال يختلف الدور الذي يؤديه فن أحواش في المجتمع ،قديما كان له دور اجتماعي وثقافي يتمثلان في التعريف به، ومناسبة تجتمع فيه القبيلة ،إذ كان من خلالها يتم تمرير الأخبار والمستجدات، أما الآن فلا يمكن حصر الأدوار والوظائف التي يؤديها هذا الفن ،على سبيل المثال أصبح ملازمة لكل من يرغب في الزواج لرؤية فارس أحلامه،وهذا راجع بالأساس ،إلى كون البنت يلزمها الجلوس في البيت، ولا تخرج إلا لقضاء الأغراض، أو مشاهدة فن أحواش، من خلاله يتم تقديم الهدايا "توشكينت" لها ، وهذا دليل على الرغبة في اللقاء.
كما انتقل فن أحواش ليدخل مجال السياسة ،حيث يقوم المترشح باستقدام "ئنظامن" ليقوموا بمدحه وعرض مخططاته وأفكاره .كما يعد فن أحواش مناسبة لاكتشاف مشاكل القبيلة ، وآخر المستجدات عبر العالم.
   النسق والمكونات
      الملفوظ/النسق الشعري
يعد النص الشعري من بين أهم المكونات لفن أحواش ،إذ لا يمكن لأحواش أن يقام دون نص شعري،وتبدأ الرقص باستهلال ديني متبوعا ب"تالالايت" وهي :
ءالا
لايل ءالا لا ديايل ءالا لا لا لال
ويتميز كذلك هذا الفن بالفورية والحكمة والألغاز حيث يحاول كل "أنظام" ان يقارع صاحبه في شكل مقابلة شعرية تدعى "أنعيبار" وفي مقابلة ما قد تصل إلى المخاصمة ،حيث يدخل أحد من الفرق لإيقاف المقابلة قبل أن تصل إلى المجادلة بمقطع غالبا ما يدعو فيه إلى تحكيم العقل والصلح ،ويسمى المقطع "تامنصيفت" وتتكون من شطرين يردد الشطر الأول نصف الفرقة ،بينما يردد النصف الأخر المقطع الثاني. وتحاول المجموعة أداء المقطع في انسجام وتناسق ما يعطي لوحات رائعة من الركز بقرع الطبول أولا ثم الدفوف ثانيا.
كما يمكن للنساء أن يؤدين قطع موسيقية من اختيارهن تليها ضربة الطبل مع الدفوف ،وخلال إنشاد المقاطع قبل أن تكون مصحوبة بالآلات يسود جو من الخشوع والإنصات الجمهور وهذا كله من أجل معرفة الأخبار من لدن "ئنظامن" وعندما يكمل قوله يبدأ "ئمهدارن" في ترديد اللازمة حتى انتهاء المقاطع التي رددها "أنظام"،ليبدأ من جديد في التحاور ،ويسمى كل طرح"أسفسي".
وتختلف المواضيع المتداولة في فن أحواش ،إذ لا يمكن حصرها إطلاقا، إلا أننا نجدها ترتكز أساسا على مشاكل البلاد ومواضيع اجتماعية متعلقة به ،إضافة إلى مواضيع سياسية وثقافية ،فعلى سبيل المثال في أحد المناسبات صادفت اليوم الثاني من قصف غزة وتمت مداولته بين "ئنظامن" ،كما تمت مداولة موضوع فوز أوباما في الانتخابات بين ئنظامن. الأول يشبه أوباما في اللون،والثاني يشبه بوش في اللون كذلك.
    الحركة والرقص
تختلف الحركة وطريقة الرقص في أحواش باختلاف نمطه ومنطقة تداوله، فبالنسبة لمنطقة طاطا تعتمد على تحريك الأكتاف "تيغراط" والأرجل "ئضارن" كما تختلف طريقة  التحريك كذلك من طاطا إلى أيت عبد الله، إضافة إلى التصفيق "الرش" بميزان دقيق. ويعد رئيس الفرقة الوحيد المسؤول عن تغيير الحركات ،ويدعى "أمسيس".
    اللباس والآلات
لا يمكن لأحواش أن يقام إلا بوجود طبل واحد على الأقل ويعد هذا العنصر أساسيا في فن أحواش ،وغالبا ما يتم صنعه من جلد البقر، لكونه جد متماسك ،ويتحمل ضربات العصا، كما يسهل حمله كذلك. و "تيلونا" وتكون في الغالب ستة ،وهي مصنوعة من جلد الماعز عكس الطبل لكونها تضرب باليد ،ولو صنعت من جلد البقر لما أعطت الصوت. و "عصيين" وهما المحرك الأساسي ل "كانكا" وتكون مأخوذة من شجرة النخيل ،ونشير إلى أن ورزازات تستخدم "كانكا" في شكل عجلة بعصا واحدة.
الناقوس وهي عبارة عن دائرة حديدية تكون مصحوبة بقطعتين من الحديد،التي تدق بهما.إضافة إلى آلة "العواد" و "تيقرقاوين". أما اللباس ،فهو مكون بالأساس من جلباب و"ئيدوكان" و "الرزة" "لكمّيت" و سروال فضفاض يساعد على أداء الحركات، و"تقّاشر"،هذا بالنسبة للرجال ،أما بالنسبة للنساء نجد "ليزار" مزركش و "أخزوز"و الزيف و"ئيدوكان"،إضافة إلى لوازم التزيين من قبيل "ئركا"، "تيلخاتمين"، "تاردّاحت"، " لحباق"، "ئجدّيكن"...
     التلقي
غالبا مايكون التجاوب بين الجمهور حاضرا في فن أحواش ويعبر عن ذلك بمجموعة من العباراتوالحركات مثل "الرش" و التصفير والصلاة علىالنبي،"تاغريط"،ترديد عبارة "ئغزاناس" و "عاوداس" و"برك" ،إضافة الى تعليق "توشكينين".
وفي المقابل حينما لا يجد الجمهور ما اعتاد عليهيردد كلام مثل :"ؤور آس ئسّين" و "تكا ياس أزال" و تغي ياس أكرو"... وإذا كان افتتاح أحواش يتم باستهلال ديني فإن انتهاءه كذلك يتم بعبارات مألوفة مثل : الوداع الوداع ،طريق السلامة" و "الله يهنيكم الله يهنيياغ، يان ئزران الشر ئعاود الخير" و الصلاة على النبي. وقد تمتد السهرات في بعض الأحيان حتى الصباح حسب قوة ومكانة "ئنظامن".

أنماط احواش
    الدرست
يرجع لفظ الدرست إلى "أمدراس" أو "أمدرس" التي تعني الصف المتراص والنشاط والحيوية ،وهذا النوع من أحواش يؤديه الرجال فقط،حيث يجمع بين الكلمة والحركة والنغمة والآلات ،ويصطف اللاعبون في صف متراص على شكل هرم ويسمون "ئمهضرن" نسبة إلى الفرجة ،وتتم في مكان واسع يدعى "أسايس" ويترأس الفرقة مقدم يدعى "أمسيس" .
    أحواش نتفرخين
وهو عبارة عن صف من البنات على شكل هرم يتولى الرجال مهمة أخذ الآلات في شكل دائرة ،ويتم الرقص بين بنتين ورجلين في كل شوط، ويسهر رجل على التنظيم والمراقبة ،ويشترط في البنات أن يكنن عازبات ،وهذا لا يشترط في الرجال.
    الناقوس
ويرجع سبب التسمية إلى كون آلة الناقوس العنصر الأساسي في هذا النمط حيث يتم الاعتماد فقط على ضرباته متبوعة بضربات الدفوف مع غياب آلة الطبل، ويصطف الجميع في شكل دائري، ويرقص الرجال والنساء في الوسط،4 رجال مقابل 4 نسوة في الغالب.
     نتيدي
"تيدي" تعني هذه الكلمة بالامازيغية الوقفة نسبة الى الطريقة التي تؤدى بها الرقصة عكس الناقوس الدي يؤدى بالجلوس. يؤدى من طرف النساء فقط و غالبا ما يؤدي في يوم " أغكوس ". اليوم الاول من العرس " تمغرى" . يعتمد في هدا الشكل  "الرش " والضرب بالارجل. و غالبا ماتردد فيه اهازيج واشعار ترحالت و "تنكيفت".
     ترحالت 
هذا الفن خاص بالسكان البدو الرحل وهو ايضا شكل جماعي .لكنه يتميز بمشاركة النساء على حد سوى مع الرجال غي صفين متقابلين .صف الرجال وصف النساء . تكون فيه المقابلة الشعرية " أنعيبار أواوال" بين رجل و امرأة ويردد الرجال  ما يقوله الرجل المحاور وتردد النساء ما تقوله المرأة المحاورة . وقد تصل إلى حد الخصام ، وتتميز هذه الرقصة بخلوها من أية آلة دخيلة على الإنسان لا تسمع فيها إلا لغة الكلام و التصفيق و الضرب بالأرجل في نسق جذاب ينبهر به المتفرج ويتميز هذا النوع بكثرة الأشعار نظرا لطول القصائد المؤدات عنه وتختلف فيه الأغراض بإختلاف مبتغى المتقابلين ما بين الغزل والمدح والهجاء وحب الطبيعة إلى غير ذلك من الأغراض ويصل هذا النوع من الفن أوجه في فصل الربيع حيث تقام سهرات الشعر كل ليلة تقريبا ويرتبط بها الإنسان بالطبيعة ارتباطا وثيقا بمجرد أن يحس بدخول عنصر أجنبي غريب (آلة التصوير-كاميرا-الضوء الشديد...) يتراجع عن اللعب و الغناء ، وتقام الحفلات غالبا في الليالي القمراء أو يتم إشعال " الفكرت" (النار) في وسط الحلقة .

نماذج لمجموعة احواش
    فرقة أحواش شباب معمورة
تعد هذه الفرقة نموذجا حيا يساهم في الحفاظ على التراث حيث أن هؤلاء رغم تواجدهم بالمدينة لممارسة أعمالهم اليومية إضافة إلى كونهم من جهات مختلفة اجتمعوا على تأسيس هذه الفرقة منذ 1983 واتخذوا غابة معمورة ساحة لهم ،يمارسون فيها هوايتهم كلأحد مساء وتدوم الحصوة 3 ساعات إلى أكثر. ونجدهم بزيهم الموحد وجميع الآلات.
   مجموعة ئزوران
تعتب هذه المجموعة مجموعة فتية لا يتعدى الأكبر منهم سنا 16 سنة ،ورغم صغر سنهم فإنهم يمارسون أحواش بكل احترافية وتتواجد هذه المجموعة بدوار القصبة ،إقليم طاطا .وهؤلاء الشباب كلهم تلاميذ استطاعوا أن يوافقوا بين دراستهم وهوايتهم وأصبحت محطة أنظار وعشاق فن أحواش ،حيث يتم استقدامهم في جل المسابقات كما اعتاد الجمهور على الحضور كلما سمع اسمهم، فمثل هؤلاء الشباب يستحقون كل التشجيع ونتمنى لهم كامل التوفيق في مسيرتهم الفنية والدراسية.

السياق السوسيوثقافي لفن أحواش إعداد الطالب. مبارك اوتيس


رقصة أحواش ل: بوبكر اليديب

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي